أبداً أبداً يابو الغيط
مِش مُتواطئ ولا وَطّيت
لا انت كاسِفنِي ولا بتِقرِفنِي
وانا عَن "غَزَّة" بَقول يُؤسِفني
لو كانت أرواح أطفالنا
قَلَقِتلَك جَوَّك مع " ليفني " !
...
كَان هذا الشعر منذ ما يَقرب من سبعة أشهر ضِمن فَعاليات ندوة "الأدب ودَورُه في المقاومة" على هامش المؤتمر السادس لمواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني، وحقيقةً أنا أدرجته الآن لسببين، أولُهما: بدء العودة لكتابة القصائد مرة أخرى نزولاً على رغبة الكثيرين في الفترة الأخيرة والذين طلبوا مني عدم الإقتصار على "الست سطور"،
وثانيهما : أني أثنائي معاودتي المشاهدة له على اليوتيوب وجدت أن الأخ الذي تكرم برفعِه رفعَهُ بتاريخ 17\4\2008 وهو موافق لذكرى خاصة مقربة من قلبي :)
فنسأل الله التوفيق،، ونسألكم الدعاء
.
إنها المرة الأولى التي أشارك فيها بدفن عزيزٍ لديَّ، وأشعر بحقٍّ أنه لم يَمُت، فهو يحدثنا ويوصينا بعدما انتقل من دار الفناء إلى دار البقاء، بكلامٍ كان لا يكَلُّ ولا يمَلُّ من قولِهِ لنا وهو بين ظهرانينا في هذه الدنيا، التي كنا نراه فيها دائمًا وأبدًا بإيمانٍ صلبٍ، وارتباطٍ وثيقٍ، ويقينٍ راسخٍ بالله وباليوم الآخر؛ يقينٍ لم تزعزعه فتنة الدنيا ولم يُثنِه إغراء منصب ولم يُضعفه ابتلاء المرض، فأبَى إلا أن يكون مخلصًا صادقًا ربانيًّا في نُصحِه حتى في يوم وفاتِه.
.
ليس لمِثلي أن يُقدِّم رثاءً لِمَن في مكانة الدكتور سناء، ولكنها تذكرةً من فيوضِ نصائحه رحمه الله، وأخُطُّها على ورقةٍ بلَّلتها دموع الفراق؛ ليعلم كل أخٍ سلك درب هذه الدعوة كيف كان رحمه الله، وقد عايشته عن قرب، لا يترك وقتًا في حياته إلا وهو يَذكُر الله تعالى أو يدعوهُ أو يدعو لدينِه، ولا يترك ضيافةً ولا تجمعًا ولا فرحًا أو عزاءً إلا ويُذَكِّر فيه بالمولى تبارك وتعالى بحبٍّ وحكمة، فكان يتكلَّم وينصت، ويحاور الشباب والأطفال والشيوخ والنساء دون كللٍ أو ملل، ولم يكن لأحدٍ أن يتصور أبدًا أن رجلاً بهذه الروح المطمئنة الرحبة قد أُقيمت له عمليتَين "قلبٍ مفتوح" غير ما يعانيه من أمراض الكبد!!.
.
وغير أنه كان متواضعًا حنونًا كريمًا فقد كان باحثًا مجتهدًا وداعيًا وفيًّا ومربيًا مخلصًا، يحظى بخواطره ونصائحه مَن يعرفه ومَن لا يعرفه، طالما دعا المقام إلى ذلك، فرأيتُهُ وهو يدعو عاملاً وبائعًا وطبيبًا بل وإمام مسجد.
.
وأذْكُرُ في ذلك أنه كان يبتاع ذات مرة قطعة غيار سيارات من أحد المحلات، ويصف القطعة للبائع بأن شكلها "غريب"، فرَدَّ عليه البائع قائلاً: "ما غريب إلا الشيطان"، فقال الدكتور سناء: "بل طوبى للغرباء"، ثم ابتسمَ وأخذ يُفهِم البائع الذي اندهش للكلمة معنى حديث "عِش في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل".
.
ذلك غَيضٌ من فَيض، وأعلم أنه لا يتسع المقام لأن أسرد وأُضيف في مناقبه رحمه الله؛ لأنه أوصى بذلك، لكني أترك هذه الصورة له مع أخي عبد الرحمن منذ ستة أشهر في مصيفٍ ترفيهي لم يتركه الدكتور سناء دون أن يحاورنا ممسكًا بكتيب "الحكم العطائية" ويناقشها.
.
.
رحمه الله.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.