Saturday, November 12, 2005

من الأرشيف: وبكينا مرتين، لا بل ثلاثاً


وقفة أخرى مع أرشيف الذكريات مع عدد من مشاهد المرحلة الأولى للإنتخابات المصرية 2005

وهي ثلاث مشاهد لدموع الإخوان المسلمين .. توقفت عندها كثيراً

الدمعة الأولى
حينما انتصف الليل واشتد البرد في هذه الليلة وما زال مئات الإخوان يقفون أمام لجنة فرز أصوات الناخبين حاملين للوحات "الإسلام هو الحل" يهتفون بالشعارات التي تطالب القضاة بالنزاهة، وبعد مرور ما يقرب من 6 ساعات متواصلة على هذا المشهد دون إستجابة لإعلان النتيجة من قِبل القضاة.. وأصبحت الساعه الثانية صباحاً ودخلنا على الثلث الأخير من الليل وأصاب من أصاب الإرهاق الشديد..
يتوقف الهتاف..
ويُفاجأ الجميع بصوت ملائكي يخرج عبر مكبرات الصوت لأحد الإخوة المنشدين (والذي لم ينشد سوى مرةٍ واحدة طوال تلك الليلة) وينشد أبيات من الشعر انسكبت على إثرها دموع الإخوة وسالت العَبَرات في تأثرٍ شديد لهذا النشيد الذي قال في مطلعه:

نَحْنُ يا مِصرُ رجعنا لإله العالمين، ومن الدين صنعنا عُدَّةَ النصر المبين
ومن الدين صنعنا عُدَّةََ النصر المبين

ما سر هذه الدموع؟!

هل هو تذكر النية و المقصد من هذه الوقفة !! .. هل هو الحب لشعبنا شعب مصر !! .. أم أنه مزيج من هذا وذاك وغير ذاك !
ويبقى الله تعالى هو العالم بالنوايا وما تخفي الصدور.

الدمعة الثانية:
أصبحت الساعة الآن
التاسعة صباحاً وما زال مئات الإخوان المسلمين يقفون في هذا الميدان أمام لجنة الفرز.. نعم التاسعة صباحاً .. أي أربعة عشر ساعة منذ بدء الفرز في السابعة مساءاً ويأبى القضاة إعلان النتيجة الرسمية بعد ما كانت المؤشرات الأولى هي فوز مرشح الإخوان عن مقعد العمال بإكتساح تام واحتمالية الإعادة بين مرشحة الإخوان ومرشح الوطني علي مقعد الفئات..

ليمن علينا الآن سيادة القاضي بإعلان النتيجة الرسمية (الكاذبة) بالإعادة لكلا المرشحَين!! فلا يملك الجميع إلا أن يحتسب إلى الله جل و علا ظُلم الظالمين وكذب الكاذبين .. ونسمع هذا الصوت الجهوري الخارج عبر المكبرات هاتفاً "حسبنا الله ونعم الوكيل" فكانت كلمة الله التي تخرج من أفواه الإخوان مدوية يهتز لها هذا الميدان وتخشع لها الأفئدة.. وللمرة الثانية أجد عيون الإخوة أثناء هذا الهتاف الأخير (قبل مغادرة المكان) وقد احمرت بعدما اغرورقت بالدموع والعبرات خشيةً وخضوعاً لله رب العالمين فهو حسبنا ونعم الوكيل.


الدمعة الثالثة (الأهم).

وهي التي لم أرها .. و إنما تخيلتها بعد أن عاد الجميع لمنازلهم بعد ثلاثون ساعة وقوفاً على الأقدام (منذ بدء يوم الإنتخاب) وهي الدمعة التي تقول: هل تقبلت يا رب!!
تُرى هل تقبل الله!!
هل تقبل الله أصواتاً بُحَّت, و أقداماً تورمت، وأنفساً هانت في سبيل ربها!
هل تقبل الله أعمالاً توقفت , أو دراسةً تراكمت، أو مصالح تأجلت من أجل نصرة هذا الدين!

هل تقبل الله ممّن أنفق وممن بذل وممن أعطى!!


أسئلة يسألها كلٌ منّا لنفسه والتي ستكون إجابتها مصحوبةً بدموع الرجاء من المولى سبحانه وتعالى أن يتقبل من الإخوان صالح الأعمال،

دموع تجعلنا نحسن الظن بربنا وتدفعنا لبذل المزيد في الجولة والمراحل القادمة ؛ والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.